حدث ولم يحدث 4 و5 للكاتبة حصة العبدالرزاق

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2025-04-29

(4) 

"الخطوبة"

في صباح أول يوم عمل بعد عودتي من السفر، وصلت مبكراً كعادتي إلى مقر عملي في أحد الأبراج العالية الحديثة في (مدينة الكويت} دخلت المكتب ورحب ني موظف الاستقبال، وصلت مكتبي البسيط المتواضع، طلبت قهوة، وطلبت من السكرتير أن يأتي لي بآخر المشاريع التي تم إسنادها إلى أثناء غيابي، ولكنه حين أتى بها لم أنه أي شي، فقد كان التفكير يسيطر على طوال اليومين الماضيين والى هذه اللحظة، هل تسرعت بإخبار أمي عن موضوع (فهد) وموافقتي على الزواج منه؟ فهو يخشى تحمل المسؤولية ولا وظيفة لديه، كيف سيخبر والدي إنه بلا وظيفة؟! لا أعلم. إن لم أجد حلاً لهذا التفكير سأطرح الموضوع على والدتي، ومن ثم على صديقتي (أسماء} التي لم ألتق بها بعد منذ عودتي، لذا فهي لا تعرف شيء حتى الآن عن هذا الموضوع ..

- بعد هذا التفكير العميق قررت أن أتطلع على آخر المستجدات في القسم، فيجب أن لا أنشغل في موضوع كهذا وأستمر في إثبات ذاتي في عملي، وفى هذه الأثناء، كان شيء آخر يحدث في قسم شؤون الموظفين دون أن أعلم به- وقد علمت بهذا لاحقاً-.

كان (فهد) يتواجد في قسم شؤون الموظفين مع صديقه (سليمان) وابن عمه (عمار) الذي يعمل في القسم ذاته صدفة.

دخل (فهد) ومعه (وسليمان) إلى مكتب (عمار} ودار الحوار بينهم الحوار التالي:

سليمان: تعلم يا ابن عمي العزيز أن(فهد) صديقي المقرب، وأنا اليوم بينكم وسيط لتساعده في حل معضلته -كما يطلق عليها-. 

عمّار: أعرفه جيداً، كيف حالك؟

- أنا بخير، ليس لدي الكثير من الوقت، سأحكي لك الأمر بصراحة وباختصار بما أنك ابن عم صديقي المقرب والوحيد؛ لديكم موظفة في قسم التصميم اسمها (لولوه ال  .. ..} صحيح؟

- نعم صحيح.

- ممتاز، التقيت بهذه الفتاة صدفة في رحلتي الأخيرة إلى (نيويورك) وتحدثنا معاً، وأعجِبتُ بها كثيراً، وصارحتها ووعدتها بالتقدّم لِوالدها لخِطبتها، فهل تستطيع أن تمدني برقم هاتف منزلها أو عِنوانها؟ 

- تُسعدني مساعدتك ولكن، هذا يشكل خطراً علي، و .. ..

فهد (مقاطعاً له}َ

- لا تقلق أنا صارحتها بإعجابي لها وبدا الارتياح عليها، وهى تعلم إنني سأتقدم لخطبتها، لن تغضب أبداً، صدقني.

- موافق، ولكنني أحملك مسؤولية أي ضرر يقع على.

- أعدك سأتحمل كل شيء.

وأعطاه (عمّار) البيانات، فشكره (فهد) كثيراً وخرج برفقة (سليمان) وشكره كثيراً، وبدت الفرحة على وجهه وهو يقول:

لن أنسى لك هذه الخدمة ما حييت. 

قبل أن يتقدم (فهد) لخطبتي، ذهب لأحد المؤسسات الخاصة التي علم بحاجتها إلى موظفين جامعيين، وتقدم لطلب الوظيفة، يبدو أنه لا يريد أن يقابل والدي وهو بلا  وظيفة، فمهما كان حجم ثروة أبيه - رحمه الله - لن يقبل والدي ولا أي أفراد أسرتي ولا حتى أنا، أن يكون بلا وظيفة وكنت آمل ألا تكون هذه الوظيفة مؤقتة فقط حتى يوافق والدي، وتمنيت أن يستمر بها، ورغم إنني لم أكن مقتنعة، وغير مصدقة أمر استمراره في الوظيفة إلا إنني وافقت! على أمل أن تتم " صفقة العمر" التي هي حلمي وحلم كل فتاة، ومن حسن حظه، أنه تم قبوله بسرعة لم يتوقعها، وبعد مدة عمل استمرت ثلاثة أسابيع تقريباً، تقدم لخطبتي. 

وكما هو متعارف في الكويت، اتصلت (أم فهد) بأمي وأخبرتها أنه سيأتي لخطبتي مع خاله الأكبر نظراً لظروف وفاة والده وإن ليس له أشقاء، حددت أمي موعد كانت متأكدة أنه سيناسب والدي، وبعد يومين، كان (فهد) وخاله وأبناء خاله وصديقة (سليمان) في منزلنا لخطبتي، وشرح وضعه الاجتماعي والاقتصادي، وبدا الارتياح علي وجه والدي -كما أخبرني شقيقي (خالد) فيما بعد -وتمت الموافقة المبدأية، يبدو أن أمي أخبرت والدي بموافقتي. 

اتصلت (أم فهد) مرة أخرى بعد أيتم والفرحة نغمرها، وهى تقول "سنلتقي قريباً في منزلكم لنأتي ب (الدزة والشبكة) "، ونقيم حفل عشاء بسيط بمناسبة عقد القران، وافقت أمي وحددت معها الموعد بعد أسبوع.

قمت بالتسوق مع أمي من أجل هذا اليوم الذي تنتظره كل فتاة، اشتريت فستان طويل بسيط بلون زهري فاتح، وقررت أن أترك شعري منسدلاً، فالبساطة أجمل ..

اتصلت ب(أسماء} فهو الوقت المناسب لإخبارها، لأنها ستغضب كثيراً إن أدعوها لعقد القران، أخبرتها بكل شيء وفرحت كثيراً لأجلي، ولم تغضب لأنني تأخرت في إبلاغها عن الموضوع من البداية، فصداقتنا تعدت هذه الأمور "التافهة" بكثير ، وأغلقت الهاتف بعد إن استأذنتني لتجهز نفسها لهذا اليوم، فلم يعد هناك متسع من الوقت -على حد قولها-.

وأخيراً، بعد أسبوع كان " اليوم المنتظر"، حضر في بيتنا كل من: (أم فهد) وشقيقته وبنات خاله وزوجة شقيقي (خالد) فقط، فكنت أفضل أن يكون الحفل عائلياً بسيطاً، كان الحفل رائع واستمتعت فيه كثيراً وتعرفت على (أم فهد) وعائلتها، وتم تحديد يوم الزفاف بعد شهرين.

قضيت الشهرين وأنا سعيدة جداً وكنت أجهز ليوم زفافي وأفكر "بصفقة العمر" ، ولكن لا أخفي عليكم الخوف الذي كان ينتابني تجاه(فهد) ووظيفته ووضعه والطريقة التي يعيش بها!

 

(5)

"مشروع تنسيق الأعراس"

بدأت بالتفكير جدياً في المشروع، وقررت إخبار(فهد) بالموضوع ومعرفة رأيه.

خرجت يوماً معه قبل الزفاف، لتناول وجبة الغداء معاً في أحد مطاعم فندق (الجميرا) الشهير في (الكويت} ونتجه بعدها لاختيار كعكة الزفاف، أما عن تصميم القاعة والورد سيكون من عملي و تنفيذي بالطبع، حيث سأكون أنا المنسقة لهذا الحفل ، وسأجعلها بمثابة تجربة لأثبت له قدرتي على المشروع من خلالها، حتى يقتنع في حال أنه رفض الأمر.

بعد الغداء واختيار الكعكة، اتجهنا لمحلات الورود وكل ما يخص تصاميم الأعراس، وفى الطريق قررت مصارحته، فقلت بحماس: 

- (فهد} أنا أخطط لشيء منذ أكثر من ثلاثة شهور وأرغب بمعرفة رأيك بالموضوع.

هز رأسه كناية عن إنصاته، ثم أكملت:

- أنت تعلم مدى حبي لعملي وللتصميم الداخلي بالتحديد وشغفي وعشقي اللامتناهي للورد، وودت أن أعمل على مشروع خاص بي، أجمع به كل عمل أحبه وهو " تصميم الأعراس" .

بدا الاستغراب على وجهه للحظة، ثم قال بابتسامة وهو سعيد ويشجعني:

- إنني وكما قلت لك سابقاً، أُحب فيك مثابرتك وطموحك ونشاطك الدائم في العمل، أنا موافق، وسأساعدك في البداية لتتمكني من الانطلاق في المشروع.

- وسيكون تنسيقي لحفل زفافنا بمثابة إثبات قدراتي لك.

- أثق بقدراتكِ جيداً يا حبيبتي.

وصلنا أولاً إلى محل الورد واخترت لوناً بنفسجي مع القليل من الأبيض وقد أعجب (فهد) كثيراً، ومن ثم محلات تنسيق الديكور والطاولات والمقاعد وتزيين المداخل وتجهيز البخور وكل تفاصيل الزفاف الدقيقة، واستمرينا بالعمل على كل هذه التفاصيل قرابة أربعة أسابيع، إلى أن أنهيت كل شيء، وكانت كل التفاصيل تحوز على رضاه ولم يعترض على شيء قط، فبدأ لي إنه معجب بذوقي كثيراً.

للحظة وددت أن أقول له بخفة دم:

لو لم يكن ذوقي رائعاً، لما اخترتك شريكاً لحياتي ..!!

 

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا