(6)
"حفل الزفاف"
وبعد مرور شهرين ، وأخيراً حان موعد الزفاف، وفى صباح اليوم استيقظت متعبة، فأنا لم أنم إلا ستة ساعات، وهذا قليل جداً لعروس ومنسقة أعراس في الوقت نفسه، والتجربة الأولى لها في التنسيق أيضاً، وبالطبع هذا كله كفيل بأن يصيبني بأرق قبل النوم، ومن عجالتي أخذت القهوة برفقتي وخرجت مع أمي وصديقتي (أسماء).
بداية، إلى محل الورود لأطمئن بأن كل شيء يسير حسب مخططاتي، ومن ثم: إفطار سريع في أحد المقاهي القريبة من الفندق الذي سيقام فيه الزفاف، - قضيت كل الأمور بسرعة وعجالة وحتى إفطاري- شعرت في هذا اليوم بأن الوقت يداهمني وأنا أشعر بهذه الكلمة فعلاً ولا أقولها مجازاً.
بعد الإفطار، اتجهت إلى الفندق وتابع العمل وأثناء وصولي وصل الورود، وكان هذا آخر ما تبقى، رتبتُ الورد على "الكوشة" التي كانت تحتوى على كرسياً أبيض طويل بوسادات دائرية الشكل بنفسجية اللون ووفى خلفية الكوشة وفى السقف كانت زهور اللافندر معلقة، حيث بدت القاعة وكأنها قرية من قرى هولندا الشهيرة بانتشار الورود وعلى الطاولات الأمامية والجانبية وعند المدخل بعض لورد أيضاً، ومن رتبت بجانبهم شموع بيضاء تحمل عبارة "لولوه وفهد" بلون بنفسجي أيضاً، وكؤوس بنقوش بيضاء بسيطة، وتأكدت من ترتيب مقاعد الضيوف بالشكل المطلوب، والسجاد الذي سأسير عليه بلون أبيض أيضاً - فهو يعطى اتساعا للمكان-.
تابعت كل شيء وكنت حريصة ودقيقة جداً، فأنا أحتاج أن أثبت نفسي في هذا العمل مرتين؛ أولاً لأنها التجربة الأولى للمشروع وثانياً لأنه حفل زفافي66، المهم وبعد الجهد الطويل وتوجيه العاملين هنا وهناك، بدت القاعة قمة في الروعة، كما تمنيت وأكثر، وتم كل شيء على ما يرام، تبقى وصول خدمة الضيافة مع الحلويات وينتهي كل شي، وأستطيع أن انهي هذا الأمر من خلال الهاتف.
انطلقت مسرعة إلى الصالون، فالساعة تشير إلى الرابعة بع العصر والوقت يداهمني فعلاً. عند وصولي أتت أمي لي بكوب من الشاي الأخضر لأريح أعصابي فقد بدا التوتر الشديد علي.
اتصلت بالعاملين في الساعة السادسة وأخبروني بوصول خدمة الضيافة، وطلبت منهم تصوير التجهيزات النهائية وإرسالها لي عبر الهاتف لأطمئن على كل شيء، وطلبت منهم تجيز البخور وتعطير المكان بالكامل بعد ساعة، استعداداً لاستقبال أوائل الحضور من الضيوف.
قاموا بتجهيزي في الصالون أنا وأمي وصديقتي (أسماء) لنظهر في أجمل طله في "ليلة العمر" كما يطلقون عليها دائماً، واتجهنا مباشرة إلى الفندق، فالساعة تشير إلى العاشرة مساءً.
قرأت بعض الأدعية قبل دخولي إلى القاعة إلى أن انفتح الباب ودخلت وجميع الأنظار تتجه نحوي، كنت خجلة ومرتبكة ولكن جمال ديكور القاعة الذي كان من تصميمي، أسعدني كثيراً ورسم ابتسامة عريضة جميلة على وجهي رأيتها لاحقاً في ألبوم الزفاف.
وصل(فهد) وخاله وأبناءه وصديقه (سليمان) إلى القاعة جلس بجانبي وقال لي بابتسامة: قمت بعمل رائع يا حبيبتي، ستكونين ناجحة في مشروعكِ، أنا فخورٌ بكِ.
أكلنا القليل من كعكة الزفاف وتناولنا العشاء معاً وخرجنا من القاعة، وأنا أشعر بقمة الفرحة والسعادة وأحمد الله على إتمام هذا اليوم بنجاح وعلى "صفقة العمر".
(7)
" بداية المشروع"
قضينا شهر "عسل" فخم ورومانسي في ربوع (البندقية الإيطالية) الشهيرة بمناظر الطبيعة الخلابة والأجواء الرومانسية، كان أشبه بعالم الخيال والأحلام، والأجمل أنه كان برفقة حبيبي (فهد) بالطبع، وبعد مرور ثلاثة شهور من الزواج، بأمان واستقرار، وقررت ذات يوم أن أبدأ المشروع جدياً، فقمت بإخباره بهذا القرار.
بعد عودتنا من العمل يوماً ما، تناولنا الغداء وأخذ(فهد) قسطاً قبيلاً من الراحة، فقد نام لثلاثة ساعات تقريباً، وكنت طوال هذه الساعات أفكر وأقول قراره نفسي: " هذه المرة سأتحدث معه بجدية، هل من الممكن أن يرفض؟" لا أعلم ما هذا الخوف الذي ينتابني تجاهه بين الحين والآخر رغم حبنا وعشقنا لبعض، دائماً ما أتمني أن تخيب ظنوني التي من هذا النوع وخاصة "تجاه(فهد)" وتحديداً هذه المرة!!
وعند استيقاظه، أعددت له قهوة حتى يكون مزاجه جيد لأتحدث معه بجدية، وفاتحته بالموضوع قائلة:
- أعتقد يا زوجي الحبيب أنه قد حان الوقت لأبدأ في المشروع جدياً، فعملي في المكتب ومجرد شغفي للورد الذي يملأ منزلنا لا يشفيان غليلي، فأنا أعتزم البداية في المشروع الآن.
كانت السعادة تغمره وهو يقول:
-إن أكثر ما أعشقه فيك يا حبيبتي هو روح المثابرة والإصرار، سأذهب صباح الغد إلى البنك لأسحب لك مبلغ من المال مساعدة مني كجزء من رأس مال المشروع، لتبدأي بالعمل، ومن ثم نبحث عن مكان مناسب نستأجر به محل، ونُصدر "الرخصة التجارية" .
- شكرته على دعمه وتشجيعه لي وتسرعه معي وعدم تأجيله للموضوع.
قال بحماس وابتسامه أقرب ما تكون للضحكة:
- كان لابد من هذا، فقد أثبت نفسك بجدارة في تنسيق يوم زفافنا الذي أستطيع أن أنسى تفاصيله حتى هذه اللحظة!!
بعد مرور شهر، قمت باستئجار محل في أحد المجمعات التجارية الذي تكثر فيه محلات تجهيزات الزفاف، وتعاقدت مع عدد من محلات الورد والحلويات الراقية، وكان المحل بمثابة مكتب أتواجد فيه بشكل مستمر، وبلا شك قمت بتصميم وتجهيز ديكوراته بنفسي، تمت الأمور كلها حسب ما خططي، وفاق النجاح جميع توقعاتي، وأصبحت لي سمعة بأن جميع تصاميمي تمتاز بوجد اللون الأبيض الذي يعطى اتساعاً للمكان ويبعث الارتياح في النفس، ومع الوقت أصبح لي عملاء لا يعتمدون في حفلاتهم وأعراسهم على ويثقون بى وبذوقي، حتى إنهم وأكثر من مرة، طلبوا مني تنسيق حفلات التخرج وأعياد الميلاد، ورغم إنه ليس من تخصص المشروع، إلا إنني لم أرفض طلباتهم أبداً، فالعملاء هم سبب نجاحي بعد التوفيق من الله، وقمت بتلبية رغباتهم بكل سعادة وارتياح.
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا