19. التوتر السابق للحيض
أنا فتاة في الثانية والثلاثين من العمر، أنهيت تعليمي الجامعي وأعمل موظفة في إحدى الدوائر الحكومية، كبيرة أخواتي، لي أربع شقيقات وشقيقان. تنتابني الأمراض قبل الدورة الشهرية فأشعر بوجع في رأسي وارتخاء في مفاصلي ويشتد غضبي لأتفه الأسباب وغير ذلك.
استشرت بعض الأطباء فقالوا لي إنني مريضة ب(الشقيقة)
علماً أن والدتي سبق لها وأدخلت مصحا نفسيا لفترة أشهر نتيجة للخلافات بينها وبين والدي منذ عشرين عاماً.
باسمة. س
ما تسمينه مرض الشقيقة هو في الواقع التذكير الذي ينتابك كونك لم تتزوجين إلى الآن، فمن خلال الدورة الشهرية تستثار غريزة الأمومة فيك، وتتذكرين حال أمك، فيعمل عقلك الباطن على إنك مريضة وما أشبه ذلك.
ولعلنا ندرك مفهوم تفاعل الهرمونات بعضها مع بعض من ملاحظة تأثيرها في الدورة الشهرية عند الأنثى البالغة. ففي بداية الدورة يفرز الاستروجين بكميات قليلة وتزداد كمياته إلى حد أعلى من وسط الدورة - أي قرب انطلاق البويضة من المبيض - ثم تقل كميته وبعدها تعود للازدياد مرة أخرى، وأخيراً تقل كميته كثيراً عند بدء الحيض. كما تزداد تزايداً سريعاً كميات هورمون آخر - البروغسترون - في منتصف الدورة. ومثل هذه التقلبات في مستويات الهرمونات خلال كل دورة شهرية لابد أن تنتج تغيرات عاطفية. وهذا ما يحدث بالفعل إذ تتأثر شخصية الأنثى بتقلبات عاطفية مع التغيرات في مستوى الهرمونات خلال الدورة الشهرية. غير أن شدة هذه التقلبات يمكن أن تخفف بتأثير اتجاهات الناس الثقافية نحو عملية الحيض وكذلك بفعل طبيعة مزاج المرأة وميولها وتجاربها السابقة. أي أن التغيرات العاطفية التي تحدث لك خلال الدورة الشهرية هي حقائق موضوعية متعلقة بمستويات الهرمونات المتغيرة في الدم، غير أن الأعراض الفعلية التي تبدو بها هذه التغيرات تتأثر تأثراً كبيراً بالثقافة وتجارب المرأة الخاصة. وهنا مفتاح الحل لمشكلتك.
تبدأ الحالة التي تعرف بحالة التوتر السابق للحيض قبل بدء الحيض ببضعة أيام وتستمر حتى نهاية اليوم الأول أو الثاني منه. وفي بعض المجتمعات لا تكون أعراض هذه الحالة بارزة بوضوح. غير أن الكثيرات من أمثالك - يعانين، في هذه الحالة، من الاكتئاب والقلق وسرعة الغضب والحساسية الزائدة للإهانات الشخصية وازدياد الحاجة إلى المودة والتقدير. وقد وجد أن حوالي نصف الإناث اللواتي يدخلن المستشفيات يكن في هذه الحالة، أي قبل بدء الحيض ببضعة أيام. كما تشير الإحصاءات إلى أن حوالي نصف الإناث اللواتي كن طرفاً في حوادث خطيرة كن في تلك الحالة أيضاً. وأن حوادث الانتحار وأعمال العنف عند النساء تكون في أعلى نسبها خلال حالة التوتر تلك. ويمتد أثر القلق الذي يصيب المرأة في هذه الحالة إلى بقية أفراد العائلة منعكساً عليهم.
ويمكن أن يترجم هذا السلوك جزئياً المعتقدات الشعبية الشائعة والقيود التحريمية التي تفرض عزل الحائض ومنعها من القيام ببعض النشاطات المعينة. ففي كثير من المجتمعات تمنع الحائض من لمس أي غرض ذي قيمة ويقع عليها لوم إذا حدثت حادثة أو خسائر في الممتلكات.
وكان لظاهرة التقلبات العاطفية خلال الدورة الشهرية أن اتخذت بعض المجتمعات ذريعة لحرمان النساء المناصب القيادية. ولكن القول بأن الدورة الشهرية تقلل من قدرة الأنثى على التوصل إلى قرارات حكيمة منطقية قول مضلل، ذلك أنه بالرغم من أن الدورة الشهرية حقيقة بيولوجية فإن الاتجاهات الثقافية نحوها يمكن تغييرها لتقلل آثارها العاطفية والجسمانية. فالأنثى الحائض تكون في أكثر سنوات عمرها نشاطاً وحيوية، وأية تغيرات عاطفية عائلية ضئيلة يمكن أن تحدث للأنثى خلال الدورة الشهرية لا تقاس باستعداد الذكر، بقدر أكبر من الأنثى، للإصابة بالأمراض والحوادث. وبعد سن اليأس تكون الإناث، بالطبع، متساويات مع الذكور في الاستقرار العاطفي أو عدمه.
حاولي تغيير نمطية حياتك .. بالخروج من نطاق الأصحاب والأصدقاء الذين تلتقي بهم. وأن يكون لك أصدقاء يتفهمون وضعك، لأن ذلك ييسر الأمور عليك كثيراً.
لعل في إعادة ما كتبته عن سلبيات هذه الحالة ما يفيدك أكثر في معرفة ما أنت واقعة به.
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا