التكوين 1
وتكشف دراسة الأشخاص الذين يعانون من الاختلال في إفرازات الغدد عن أدلة قاطعة على وجود تأثيرات واضحة للهرمونات في الشخصية بل إن بعض العلماء يغالي في هذا الموقف مغالاة شديدة على أساس أن الغدد هي المحدد الأول والوحيد للشخصية
وتقوم الحياة النفسية على التكامل بين الجهاز العصبي والجهاز النفسي ولكل منهما تأثير على الآخر - ومن أهم المؤثرات الفسيولوجية على الجهاز العصبي للإنسان الغدد الصم - إذ يحتوي الجسم الإنساني على أنواع من الغدد أهمها الغدد الصم أو غير المقناة
والغدد الصم تصب إفرازاتها في الدم مباشرة ويسمى إفرازها بالهرمون وكمية الهرمونات التي تفرز كمية صغيرة جداً ولكنها ذات تأثير كبير، وهذه الغدد تقوم بدور مهم في نمو الجسم وعمليات الهدم والبناء والنمو العقلي والسلوك الانفعالي ونمو الخصائص الجنسية الثانوية
ونتحدث عن دور هذه الغدد بالتفصيل فيما يلي
1. الغدة النخامية Pituitary ّگلاندة
توجد هذه الغدة عند قاعدة المخ داخل تجويف عظمي يعرف بالسرج التركي ويتراوح وزنها بين 350 400 ملغم، موضوعة وضعاً مستعرضاً وتشبه حجمها حبة البازيلاء وتتكون من فص خلفي وفص أمامي وبينهما فص متوسط. ولا توجد علاقة وظيفية بين الخلفي والأمامي فلكل منهما إفرازاته، أما الفص المتوسط فلا يعرف له إفراز والأرجح أنه يعمل مع الفص الأمامي: ويقال إنها تفرز هرمون الملانوسينيك "المنشط للملانين" أو القتامين الذي يسببه لون البشرة السمراء، وإفراز هذا الهرمون يقع تحت نفوذ العوامل الهيبوثلاموسية المطلقة.
ويفرز الفص الخلفي بالاشتراك مع الهيبوثلاموس ويعتقد البعض أن هذه الهرمونات تفرز بواسطة الهيبوثلاموس وتختزن في النخامية لتوزيعها عند حاجة الجسم هرمون البيتويترين أو النخامين Pituitrin الذي يحتوي على عنصرين هما هرمون رافع الضغط وهرمون معجل الولادة يسمى بمانع إدرار البول ووظيفته الأولى منع إدرار البول، فهو يؤثر في الكلية وينشط عملية إعادة امتصاص الماء، في حالة عدم إفراز النخامين قد تصل كمية البول إلى 10-15 لتراً في اليوم بدلاً من لتر ونصف، وفي حالات التوتر الانفعالي حيث يزداد نشاط الهيبوثلاموس تصاب الوظيفة البولية بتغيرات سريعة إما بالزيادة أو النقصان، ويستخدم الهرمون المانع لإدرار البول في علاج حالات مرضى السكر الكاذب Diabetes يّنسيپيدُسة الناشئ من بعض الأمراض التي تطرأ على بعض الأنواء في الهيبوثلاموس والذي يسبب زيادة في كمية البون بطريقة تؤدي إلى مضاعفات خطيرة إن لم يعالج بخلاصة هذا الهرمون.
ومن آثار هرمون النخامين انقباض عضلات الرحم خصوصاً في وقت الحمل ولذلك فهو نافع جداً بعد دور الولادة الثاني، كذلك يعمل على تضييق الشرايين والأوعية الشعرية ولذلك فهو ضروري لرفع ضغط الدم في أحوال خاصة لازمة كالصدمات العصبية. كذلك يعمل على تنشيط إدرار اللبن بزيادة انقباض العضلات غير الإرادية للثدي، ويساعد في انقباض العضلات غير الإرادية في جدران المثانة في التبول، وجدران الشعب الرئوية. وجدران الأمعاء في التبرز
أما الفص الأمامي للغدة النخامية فإنه يفرز خمسة أنواع من الهرمونات وكثيراً ما تسمى النخامية الأمامية الغدة القائدة، وهذا الفص واقع أيضاً تحت تأثير الدورة الدموية البابية مع الهيبوثلاموس، ومعظم هرمونات هذا الفص تحت التأثير المباشر للعوامل الهيبوثلاموسية المطلقة.
وقد بدأت معرفتنا الحديثة بالنخامية الأمامية عام 1915 بالدراسة التي قام بها الدكتور فيليب سميث، إذ أنه لا استأصلها من الجرذان ماتت بعد ستين يوماً من ذلك، ثم اتضح له عندما قام بفحص أحشاء تلك الجرذان الميتة أن غددها فوق الكلوية والدرقية والغدد التناسلية قد أصابها ضمور شديد فأصبحت أصغر كثيراً من حجم مقابلاتها في الحيوانات العادية، وكذلك أظهر الفحص المجهري لتلك الغدد أن قدرتها على وضع هرموناتها قد أصابها العجز والقصور.
والهرمونات التي يفرزها الفص الأمامي للغدة النخامية هي
أ. هرمون النمو Growth ستيمُلاتينگ هّىرمىنِة
وزيادة إفراز هذا الهرمون في الطفولة والمراهقة تؤدي إلى العملية Gigantism حيث بصل طول القامة إلى مترين ونصف، وفي حالة زيادة الإفراز بعد المراهقة أي بعد توقف نمو العظام، ووصول الشخص إلى قامته الطبيعية تستأنف عملية النمو في الأجزاء الغضروفية مما يؤدي إلى الحالية المعروفة بالأكروميجالي Acromegaly "ة أي تضخم الأجزاء الطرفية), فيزداد حجم الأذنين والأنف والفك الأسفل واليدين والقدمين مع احديداب الظهر، ونتوء عظام الصدر في بعض الحالات وهذا يلاحظ المريض ضرورة تغيير الحذاء وخاتم الزواج كل مدة بسيطة لتضخم هذه الأطراف، كذلك صعوبة المضغ على الأسنان الأمامية لعدم تطابقها وتضخم الفلك الأسفل ... إلخ، أما نقص إفراز هرمون النمو فيؤدي إلى القزم Infantilism بحيث لا يزيد طول القامة عن حوالي متر وربع مع تناسب الأعضاء وسماحة سمات الوجه
ب. هرمون الجونادوتروفين Gnadortophin هّىرمىنِة
(الهرمون الحافز الغدد الجنسية) المؤثر في نمو الغدد الجنسية ونشاطها في إفراز الهرمونات الجنسية لدى الجنسين وينقسم إلى قسمين
- هرمون الفوليكوتروفين (F.S.H) فّىليچلِ سّتيمُلاتينگ هّىرمىنِة
وهو منشط لحويصلة جراف المبيض، ويؤثر في نمو البويضة ونضجها وفي إفراز هرمون الاستراديول Oestradiol لدى الأنثى الذي يلعب دوراً في تنظيم الطمث النهري، كذلك بؤثر الفوليكوتروفين على نمو الحيوانات المنوية في الخصيتين لدى الذكر.
- هرمون منشط الجسم الأصفر في المبيض Luteinizing هّىرمىنِ "لّ. ه"ة
لدى الأنثى ومنشط الخلايا Interstitial ّچِلل ستيمُلاتينگ"لّ.ّچ.ّس.هّ" هّىرمىنِة التخللية للخصية لدى الذكر، ويؤثر هذا الهرمون في إفراز هرمون البروجسترون Progesterone لدى الأنثى، وهرمون التستيرون Testosterone لدى الذكر، ومن الطبيعي أن يودي أي نقص في إفراز الجونادوتروفين إلى توقف نمو الجهاز التناسلي، ويسمى هذا المرض بأعراض أو زملة فروليخ Frohlich's سّئندرىمِة حيث يصاب الطفل بالبدانة المفرطة وبعدم نمو جهازه التناسلي، ينشأ من اضطرابات تصيب الهيبوثلاموس والغدة النخامية، ويميل الطفل إلى النعاس والسلبية والخضوع، فضلاً عن رد الفعل الذي تحدثه حالته في شخصيته بطريق غير مباشر، ويلاحظ أن زيادة إفراز هرمون النمو نتيجة لتضخم الخلايا المفرزة يصاحبها عدم النضج الجنسي كما أن التبكير في النضج الجنسي نتيجة لزيادة إفراز الجونادوتروفين يصاحبه عادة تعثر النمو الجسمي غير أن التوازن بين الهرمونين يستمر في الحالات السوية.
ج. هرمون البرولكتين Prolactin
هر منشط لإفراز اللبن لدى الأم بعد وضع مولودها؛ ويشترك معه في استمرار الإفراز هرمون النمو وهرمون الغدة الدرقية، وقد وجد أخيراً أنه يؤثر في النشاط الإفرازي للجسم الأصفر في المبيض لدى الأنثى غير الحامل ويمكن على هذا الأساس ضمه إلى المجموعة الثانية من هرمونات الجوناوترفين ومن المعروف أن العوامل الانفعالية عن طريق الهيبوثلاموس الذي يمنع إفراز البرولاكتين من النخامية تؤثر في إفراز اللبن بإدراره وكذلك أحياناً تسبب الأمراض النفسية والعقلية وإدرار اللبن في المرأة غير الحامل وكذلك بعض العقاقير المطمئنة، وأقراص منع الحمل، ومضادات الاكتئاب، ومضادات ارتفاع ضغط الدم
د. هرمون النيروترولين Thyrotrophic هّىرمىنِ "تّ.سّ.هّ."ة
(الهرمون الحافز للغدة الدرقية) الذي يذهب إلى الغدة الدرقية لتنشيطها، وللحيلولة دون ضمورها وزيادة إفراز هذا الهرمون تؤدي إلى تضخم الغدة الدرقية وزيادة نشاطها الإفرازي
ه. هرمون الكورتيكوتروفين Adrenocorticotroپهيِ "اّ.ّچ.تّ.هّ."ة
وهو يذهب إلى قشرة الغدة الإدريتالية لضبط حجمها وإفرازها الهرمونية ويقوم هذا الهرمون بضبط مستوى السكر في الدم بالاشتراك مع عامل توليد السكر Diabetogenic الذي يرجع أن يكون أحد عوامل هرمون النمو بالاشتراك مع بعض هرمونات قشرة الغدة الإدرينالية، وسنشير إلى تأثير الشدة أو الإجهاد stress في إفرازات الغدة الإدريتالية.
وفيما يختص بتأثير هرمونات الأمامي للنخامية في بناء الشخصية والسلوك، فإنه ليس من اليسير التمييز بين التأثير المباشر لزيادة الإفراز أو نقصانه، وبين التأثير الثانوي الذي يتمثل في استجابات الشخص لنظرة الآخرين له وتتخذ هذه الاستجابات شكل ردود أفعال تعويضية أو تكيفية سلبية فالمصاب بالعملقة يكون في العادة شارد الذهن، عاجزاً عن تركيز أفكاره، سريع التهيج، والمصاب بالأكروميجالي تغلب عليه سمات الشجاعة والإقدام والمبادأة، ومن المرجح أن مما يقوي هذه السمات زيادة نشاط الغدة الدرقية والغدة الجنسية ويلاحظ على الأقزام السلوك العدواني غير أن العدوانية في هذه الحالة ليست إلا رد فعال تعويضي للنقص الجسمي، إذ أن نقص الإفراز من شانه أن يقلل إلى حد ما الحيوية والقوة التي تشاهد عادة لدى الشخص العدواني
. . . : . : :...
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا